Tuesday, October 09, 2007

بيتنا و بيروت و القاهرة

بيتنا...هذا البيت بناه أبي..ليس ملكه و لكنه بناه..كما بنى الشركة التي تملك البيت و التي يتولى إدارتها من 45 عام..شركة بدأت صغيرة في سوق شعبي قديم.. كانت عبارة عن غرفة خشبية صغيرة لها باب حديد....شركة تعمل في بيع مواتير مراكب الصيد الصغيرة..كان هذا عام 1962.. شيئا فشيئا.. تطورت الشركة و أتسعت معاملاتها... و أصبحت أكبر شركة تعمل في مجال مكائن توليد الكهرباء و مضخات المياه...أبي أستشف دخول البلاد في طفرة عمرانية في منتصف السبيعنات فأقترح على أصحاب الشركة أن يدخلوا في مجال المعمار وللحق لم يعارضوه على العكس فهو بالنسبة لهم اخيهم وليس موظفا عندهم..فبدء ابي في إختيار المكان المناسب..كان مشروع عمره.. أعطوه الصلاحيات.. فاشترى قطعة ارض كبيرة بنى عليها الشركة بمخازنها..و بنى فوقها عمارة أصبحت من العلامات المميزه..و سكننا هناك.. بعدها بسنوات قليلة بنى بجانبها 3 عمارات سكنية... أسكن أنا في واحدة منها..لا يفصل بيني و بين ابي سوى جراج مفتوح.. اكثر من 27 عاما و نحن نسكن في ذات البيت..عمري كله ....هناك ولدت أخواتي الصغيرات..وهناك درست المرحلة الإعداية و الثانوية..ومن هناك أنطلقت للدراسة في الجامعة... وهناك أحببت أول فتاه في حياتي و أنا في تانية إعداي كانت أصغر مني بسنة و إسمها إيمان و بسبها كتبت أول قطعة في حياتي لا أذكر منها سوى سطر قلت لها فيه..إنتِ أجمل من القمر....وفي الحقيقة أبي لم تعجبه الفتاه و عندما كبرت.. سألته لماذا لم يحبها أجاب.. ما كانت حلوة... عينيها صغار و بتمثل.... شكلها طالعة لأمها... سؤالي الثاني هو أنت بتعرف إمها؟!!... ضحك و قال .. أه باعرفها مش كانت معنا في النادي.... اليوم بعد الإفطار أبلغني إبي بأن الدولة قررت إزالة المباني كلها...للتوسعة في البنية التحتية...رأيت في عينيه حزن يوازي حزنه على موت عمي الله يرحمه...لست إدري ما السبب فقد جاء ذكر عمي في ذات الموضوع...سألته و بعدين شو راح نعمل... لم يجب... فقط..قال يا خسارة على العمر.....
كان أبي حزينا...داهمنا جميعا الحزن و نحن نشرب الشاي بعد الإفطار...سألته متى جاءكم القرار؟ ... أجاب بسخرية... بالأمس مساء في ليلة 27 رمضان...في ليلة القدر...
بالأمس جلست بين يدي الله ...دعوته كما لم أدعه من قبل...دعوته أن يفرج الكرب ويزيل الهم و الحزن...صدقا لم أنم.. نمت فقط ساعة قبل الفجر....و صحوت في قلبي غصة...... أحسست بشىء غريب لم أعرف سببه ...حزن على ألم...الغصة تفسرت اليوم... أبلغت أبي بما أحسسته بالأمس...فقال لي...لا تقنط من رحمة الله....
قام و نداني لغرفة نومه...كانت حقيبة سفره جاهزه... كنت أعلم أنه مسافر غدا...قال لي أنا مسافر بكره أعمل عمرة و أزور عمك الله يرحمه و راح أقضي أول يوم العيد مع أولاد عمك...هاد أول عيد يقضوه من غيره..خد بالك من البيت ومن أخواتك...فجأئني بأنه سيتجه للقاهرة ثاني يوم العيد....أحسست ببعض الراحة.. في القاهرة حالة أبي تختلف..يصبح أكثر حيوية..أكثر إقبالا على الحياة...يرى أحبائه...يزور كل الأماكن التي يحبها في وسط البلد...لازم يشرب قهوة في جروبي...يزور الفنادق القديمة التي كان يزورها في الستينات..زي فندق أميه..لا أعلم إن كان هذا الفندق لازال قائما أم لا....لازم يروح يأكل مكرونه فرن من عند نعمة...أخر مره لم يأكل...قال لي الطعم تغير..ولكن للمكان رائحة معششه في الروح...يتمشى في وسط البلد...في كل مره يكتشفه بطريقة مختلفة....يقف أمام باعة الجرائد و الكتب...مره و قف أمام مكتبه..لا أذكر أسمها.. أشترى مجموعة دواوين درويش... رغم إنها موجوده في مكتبته.. و أشترى فوضى الحواس لمستغانمي..رغم انها عنده أيضا...
سألته لماذا؟
قال لشراء الكتب من القاهرة طعم أخر...
أجبت..بس أنت عشت في بيروت فتره قبل الحرب في السبعينات..و كانت عجلة النشر و الأدب في أوجها
قال...لا يا أبني.....بيروت..تبيع نفسها لمن يأتيها...كانت ملجأ لكل الأصناف...القاهرة شي تاني... القاهرة إنت بتبيع نفسك لإلها عشان تشتريك...القاهرة تبادلك حبا بحب...المكان الوحيد اللي إذا حبيته ...ذاب عشقا فيك...بيروت حبها مادي...القاهرة حبها معشش جوه القلب..بكفي تشرب كاسة شاي بالنعناع على النيل عشان تشعر بتغيير كامل في حواسك....
بكل خبث مبطن قلت..بس المهم الصحبة يا باشا...
رد بخبث أكثر...إنت اللي باشا...و الصحبة موجودة يا إبن الكلب.....

4 comments:

غادة الكاميليا said...

طب ياريت يا افندم تسأل الوالد على اسم المكتبه لأنى دايخة على فوضى الحواس
ولا تقنط من رحمة الله

Ezz said...

غادة الجميلة عندنا يا مرحبا يا مرحبا... حاضر يا فندم..نساله...

Tigress said...

ana mot mel de7k fromt he last line. ezz my heart clicked for this peace.. what happened in the end? how is ur house, and dad.
ghada u can find a7lam mostaganmi books-if u r in cairo - in diwan store in zmlk. i personanly bought it half price from a guy down town, in front of kentauki in tahrir square.. before the end to the main square (bec there are 2 there) i think ismo mohamed or alaa:)
enjoy her

جسر الى الحياة said...

ذكريات فيها المؤلم وفيها الجميل بس اجمل ما فيها تفاؤل الوالد وخفة دمه وانا باقول انت جايب منين الروقان ده كله اتاريه وراثة ربنا يبارك لك فى عمره بعد الاب والام مفيش حد