Tuesday, January 22, 2008

أيام و أصابع!!

هبطت يد السكينة على القلب....فتركت أصابعها الخمسة علامات فوق الروح.. هذه علامة الخنصر...خنصر الخصام...في طفولتنا كانت حياتنا تتمحور حول مدى قدرتنا على اللعب خارج البيت..حتى تضرب الشمس رؤوسنا بلا رحمة ...نصل بيوتنا والخدود محمرة كحباية الطماطم..تهرع أمي و أمك..و تنظر بعين فاحصة...تهز رأسها أسفا..تمددك على الكنبة...و تسقط رأسك في حجرها...تحضر شوية ميه بملح..و بأنبوب قطرة الأذن أو العين مش مهم و تقطر في أذنك بماء مملح...و تشعر و كأن بركان نافوخك فَتحت فيه ماسورة مياه ساقعة..و تبدأ تسمع ذلك الصوت...تششششششششششششششششششش... لا أدري إن كان هذا علاجا فاعلا أم لا..لكنه عالجني و غيري من أبناء جيلي...المهم....بعد الدوخة و الرغبة في القيء تحضر أمي أو أمك كمادات ميه فاتره و تبدأ في تدليك صدرك ورجليك ولا أعرف أيضا السبب.....أشعر أو تشعر ببعض الإنتعاش و بعض الفوقان ..فتنظر لك و تقول اللعب في الشمس غلط..و الواد ماجد إبن الجيران ضحك عليك تاني..خليك راجل و مش كل ما يقولك تعال نلعب..تخرج كده وراه زي العبيط...إنت مش عبيط.. طبعا الدم يفور في نافوخي..أمي أستاذه في التسخين و معلمة في تهدئة النفوس...أول ما أشوف ماجد...أحس أني عايز أضربه ...يقترب مني..يلالا نلعب.. أمد خنصري...فيفهم ماجد,,فيمد خنصره..يتشابك الخنصران بسرعة عجيبة... و يفترقان بسرعة أعجب... خلاص كده إتخاصمنا....ننظر لبعضنا نظرة غضب... بعدها بساعة تسقط كرة ماجد في بلكونتنا...يدق الباب.. افتح.. الكرة في البلكونه...أذهب و أحضرها..مش عايز تلعب.. ناقصين واحد.. أغلق الباب خلفي..و ذراعي مطوق رقبة ماجد و ذراعه تتطوق رقبتي ..نتكلم فقط عن الماتش اللي جاي... وهذه حكاية الخنصر..

أما حكاية البنصر..فكانت دائما محيرة بالنسبة لي...فهي ليست كالخنصر...ليست علامة خصام ولا علامة تصالح...فقط صباع الدبلة بتاعت أبويا

أما الوسطى و أه من الوسطى فقد ارتبطت عندي بتلك الحركة الأبيحة....وكانت تحذرني في صغري من إستخدام هذا الأصبع لوحده أو بدون داعي.. ليه يا ماما.. اصله صباع ممكن يعمل مشاكل....ولم أفهم..في يوم كانت أمي عند الجواهرجي..و فجأة رمقتني تلك النظرة التي معناها..تعال هنا...ذهبت إليها..أخذت كفي في راحتها.. حاولت أن تلبسني خاتما في صباع الدبلة بس كان واسع.. فجأة وجدتها تضعه في الوسطى... تملكني غضب شديد...الوسطى صباع بيعمل مشاكل إزاى ألبس فيه خاتم و بعدين أنا مش بنت عشان البس خاتم في الوسطى.. أنا ولد.. أنا راجل مش أنتي قلتي أني راجل و مش لازم ماجد يضحك عليا... أنا أمك يا عبيط تعال ألبس الخاتم.لاء عااااااااااااااااااااااااااااااا عياط بغضب و قهر...و أنتهت الليلة بإنتصار الخاتم على الوسطى...بعدها بيومين حاولت أن أخلعه ما نفعش..راحت أمي و غسلت يدي بمية دافيه و صابون كتييييييييييييييييييييير..الرغاوي كانت كتيييييييييييييييييييييير..و فجأة الخاتم أتسلت...و صوت إرتطامه بالحوض. تنننننننننننننننننننننن...و بعدها لحظة سكون أمي رأت الخاتم و هو يسقط من فتحة الحوض....طبعا تملكها غضب شديد..لم تستطع لومي..مش غلطتي....تليفون لأبويا..هات معاك سباك...خاتم الواد وقع في الحوض...أبويا ربنا يكرمه..أحسن..هو مش بلنت عشان يلبس خاتم في الوسطى..

السبابة يجب أن يرتبط بالتشهد، ولكنه أرتبط عندي بالتهديد والوعيد، و خصوصا من مدرس الرياضيات الحديثة..كان هذا أسمها في ذلك الوقت..وربما لا زالت حديثة..فهي بالنسبة لي ستبقى دائما شيئا جديدا و حديثا و لكن مزعجا...يعني ايه س+ص=153÷276 بلا هم... المهم عندما كنت في المدرسة كان أستاذ الدين أو المواد الشرعية و يهددنا بالويل و الثبور و عظائم الأمور لو سهرنا يوم الخميس على فيلم السهرة ...أو نسينا نفسنا و أرتكبنا الكبيرة اللي ما فيش بعدها كبيرة..دخول السينما و العياذ بالله.....وكانت دائما سبابة الأستاذ عبدالمهيمن علي الصفتي مرفوعة في وجوهنا و ساعات تأخذه الجلالة بتاعت يوسف يوهبي و يخرم عين التلميذ او التلاميذ اللي قاعدين في التخته الأولى... كان عندي سؤال لأبي...هو ليه بنرفع السبابة في التشهد... فقال لي سنة عن النبي علية الصلاة والسلام... و ببراءة الأطفال رديت..طب هو سيدنا محمد علية الصلاة والسلام لما كان بيصلي لربنا و بيرفع السبابة كان قصده يعني يهدده...طبعا والدي أحس و كأني أخذته على حين غره و شعرت للحظة..إن صوابعه الخمسة هتعلم على وشي..كان في قمة الغضب..ظننته غضبان مني..و سألني مين الحمار اللي فهمك الكلام ده.. فقلت له..أصل الأستاذ عبدالمهيمن على الصفتي لما بيزعق و بيهدد بيرفع السبابة في وشنا...ضحك و شرحلي..
في اليوم التالي الأستاذ عبدالمهيمن على الصفتي لم يرفع سبابته..وإن كانت تهديداته لم تتوقف..ولكنها فقدت كثيرا من وهجها بدون سبابة...بعدها يمكن بعشرين سنة...و كنت و أبي في ساعة صفا نتذكر الماضي و جئنا على سيرة السبابة و الأستاذ عبدالمهيمن.. أكتشفت أن أبي ثاني يوم ذهب للمدرسة و تكلم مع الناظر و الأستاذ عبدالمهيمن علي الصفتي و شرح لهم القصة...فكان قرار الناظر و هو رجل عالم جليل و مربي فاضل و سابق عصره و متفتح بأن أمر عبمهيمن بأن لا يستخدم السبابة وألا يهددنا بالنار و جهنم.... و أن يحبننا في الدين...الأستاذ عبمهيمن لم يتحمل عدم إستخدام النار وجهنم في الحصة...فجاءه إكتئاب و ترك المدرسة في نهاية العام!!!

ملحوظة: الكلام ده كان في السبيعنات و الأستاذ عبدالمهيمن...كانت بداية ظهور التيار التكفيري المتشدد...وكانت أمي و أمك و أمهات كثيرات لا زلن يلبسن الفساتين الموضه و يسشورن شعورهن عند الكوافير و يسلمن على الرجال بدون منديل على الكف أو يمتنعن عن السلام.... كانت الحياة لسه طبيعية..والشباب بيحب بطريقة جميلة و كان لسه ولاد بيبعتو جوابات للبنات و البنات بترد على الجوابات، والدنيا بسيطة و تتمحور حول الدراسة و التخرج و العمل و الزواج دون تعقيدات العربية و الشقة ذات المستويين ، وشالية مارينا..او السفر للخارج للفسحة..ولا الشيكولاته الكيت كات و الجلاكسي و السنيكرز و المارس و الباونتي، كان أخرنا بمبو و كرونا....

أما الإبهام...فكان دائما صباع مثير لتسأولاتي؟ لا ينفع يتلبس فيه خاتم، ولا ينفع يستخدم في التشهد، ولا كمان يستخدم إستخدامات أبيحة... ولا ينفع الواحد يخاصم حد بيه....وبقيت على هذا الحال حتى تعرفت على إستخدامه من خلال الافلام الأفرنجي..عندما يقوم البطل بشيء خارق فترفع المزه أبهامها له دلالة على النجاح و الإبداع..وأصبح الأبهام مرادف لعمل إبداعي على سبيل المثال عندما تركن عربيتك في مكان ضيق جدا و يأتي السايس و يرفع إبهامه لك يتبعها بكلمة: معلم يا باشا ..أستاذ ورئيس قسم والله..ممكن درس في الركنه دي يا باشا....

Monday, January 14, 2008

سقيا رحمة

السما مبسوطة و بتضحك...السما نهر بيجري بس من فوق لتحت..مطر..مطر..مطر..مطر...لليوم الثالت و المطر نازل..غسل الشوارع..غسل العربيات..غسل كل حاجة.. بس أهم حاجة أنه غسل الروح من جوه......الناس مودها أختلف...الوشوش مرتاحة...الوشوش فكت شوية..تقطيبة الحواجب خفت شوية.....حتى نظرة الفراغ اللامتناهي اللي بتميز الناس اليومين دول حل مكانها نظرة مستكينة...نظرة حنونة ..نظرة طيبة...شايف على الوشوش بوادر ..ملامح إبتسامات قديمة..بترجع تحيا تاني..المطر..غيرني شخصيا...لقيتني أكثر تقبلا للنقد..أكثر ودا..أكثر مرحا..رغم الألم.....حيث أعيش قال لي أحدهم ...مبروك عليك الحياة..كناية عن هطول المطر...
المطر هذا العام أكثر حنانا و اكثر حميمية..
سبحان الله يوم الجمعة الماضي الإمام دعى الله سائلا إياه عزوجل المطرقا ئلا ...اللهم سقيا رحمة..لا سقيا عذاب....

الأن فهمت معنى سقيا الرحمة...المطر بهطوله ألقى في روع الخلق رحمة على بعضهم بعضا... اللهم أدمها نعمة و أحفظها من الزوال..اللهم أكرم أحبائي بمطر حنون يضفي عليهم رحمة و حبا..

سيدتي، كل شتا و انتِ دائما أجمل.....